هل الكيتو مناسب للنساء الحوامل أو المرضعات؟ نظرة علمية جادة
في السنوات الأخيرة، اكتسب نظام الكيتو شهرة واسعة بين من يسعون إلى خسارة الوزن أو تحسين الصحة الأيضية. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بفترات دقيقة وحساسة مثل الحمل والرضاعة، تُثار العديد من التساؤلات حول مدى أمان وملاءمة هذا النظام الغذائي. فهل الكيتو خيار آمن وصحي للمرأة الحامل أو المرضعة؟ دعونا نُحلل هذا السؤال من زاوية علمية متوازنة.
ما هو نظام الكيتو بإيجاز؟
نظام كيتو دايت هو نظام غذائي منخفض جدًا بالكربوهيدرات، عالي الدهون، ومعتدل البروتين. يعمل على إدخال الجسم في حالة “الكيتوزية”، حيث يبدأ في استخدام الدهون كمصدر أساسي للطاقة بدلًا من الجلوكوز. هذه الحالة تؤثر على العمليات الحيوية بطرق عميقة، وهو ما يستدعي الحذر في الفترات الحساسة.
الحمل والكيتو: التحدي الأكبر
خلال الحمل، يحتاج الجسم إلى توازن غذائي دقيق لتلبية احتياجات الأم والجنين. الكربوهيدرات، رغم ما يُقال عنها، ليست “عدواً” دائمًا؛ فهي تلعب دورًا مهمًا في نمو الجنين، خاصة الدماغ والجهاز العصبي. توصي معظم الجمعيات الطبية بتناول كربوهيدرات كافية خلال الحمل، لما لها من دور في:
- إنتاج الطاقة السريعة.
- دعم نمو الأعضاء الحيوية.
- الحفاظ على توازن هرموني سليم.
الكيتوزية أثناء الحمل قد تؤدي إلى ما يُعرف بـ”الحماض الكيتوني”، وهي حالة تتراكم فيها الأجسام الكيتونية في الدم، وقد تكون ضارة في حال ارتفاعها لمستويات مفرطة. بعض الدراسات على الحيوانات ربطت بين الكيتوزية المزمنة أثناء الحمل وتأخر في نمو الجنين أو تشوهات خلقية، رغم أن هذه النتائج لم تُثبت بشكل قاطع على البشر.
وماذا عن الرضاعة؟
خلال فترة الرضاعة، تحتاج الأم إلى طاقة إضافية تعادل حوالي 500 سعرة حرارية يوميًا لتأمين إنتاج الحليب. تقليل الكربوهيدرات بشكل مفرط قد يؤثر على إنتاج الحليب ونوعيته. وقد أبلغت بعض النساء عن انخفاض في كمية الحليب أثناء التزامهن بالكيتو، خاصة في الأسابيع الأولى.
كما أن الحالة الكيتوزية قد تُصيب الأمهات الجدد بالدوخة، التعب، أو الإمساك، ما قد ينعكس سلبًا على دور الأم في الرعاية والرضاعة. ومع ذلك، بعض النساء أبلغن عن نتائج إيجابية عند اتباع كيتو معتدل تحت إشراف طبي، خاصة بعد استقرار الرضاعة.
هل هناك حالات استثنائية؟
نعم. في بعض الحالات الطبية مثل سكري الحمل أو زيادة الوزن المفرطة أثناء الحمل، قد يُوصي الطبيب بنظام منخفض الكربوهيدرات بشكل مدروس، دون الوصول إلى الحالة الكيتوزية الكاملة. الهدف في هذه الحالات ليس الدخول في كيتو صارم، بل تقليل السكريات وتنظيم مستويات الإنسولين.
الكيتو ليس الخيار الأول أو المثالي للحوامل والمرضعات، لكنه قد يُستخدم بشكل معدل في بعض الحالات، بشرط أن يكون ذلك ضمن إشراف طبي دقيق. السلامة والتغذية المتوازنة تأتي أولًا، خاصة في مراحل حاسمة كهذه من حياة الأم والطفل.